انتصار لحرية الإعلام.. محكمة تركية تبرئ 4 صحفيين من تهمة التظاهر

انتصار لحرية الإعلام.. محكمة تركية تبرئ 4 صحفيين من تهمة التظاهر
مظاهرة للمعارضة في تركيا - أرشيف

برأت محكمة في إسطنبول، اليوم الخميس، أربعة صحفيين، من بينهم المصوّر في وكالة فرانس برس، ياسين أكجول، من تهمة المشاركة في مظاهرة كانوا يغطّونها خلال موجة احتجاجات اندلعت في المدينة في مارس الماضي. 

وجاء هذا الحكم ليضع حدًا لقضية أثارت تنديدًا واسعًا من منظمات الدفاع عن حرية الصحافة، إذ اعتُبرت مثالًا جديدًا على الضغوط التي تواجه الإعلام المستقل في تركيا.

أشارت وكالة فرانس برس، إلى أن الصحفيين الأربعة أوقفوا خلال عمليات دهم جرت فجرًا، عقب أيام من موجة احتجاجات كبيرة اشتعلت بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، وهو أحد أبرز خصوم الرئيس رجب طيب أردوغان. 

واتُّهم الأربعة، شأنهم شأن آلاف المتظاهرين، بانتهاك قانون التظاهرات والتجمعات العامة، رغم أنهم كانوا يؤدون عملهم الصحفي في الميدان.

وأوضح القاضي لدى إعلان الحكم أنه “لا يوجد أساس متين يسمح باستنتاج أن المتهمين ارتكبوا الجريمة التي اتُّهموا بها”، في إشارة إلى ضعف أدلة الادعاء واعتماده على تصنيفات عامة للتجمهر بدل تقييم طبيعة العمل الصحفي على الأرض. ولم يحضر أي من الصحفيين جلسة النطق بالحكم.

دفاع دولي عن الصحفيين

رحّبت وكالة فرانس برس بالقرار، خصوصًا أن أحد المبرّئين هو مصوّرها ياسين أكجول البالغ 35 عامًا، وكان الصحفي الدولي الوحيد في المجموعة. 

وأكد مدير الأخبار في الوكالة، فيل تشيتويند، أن “هذه الدعوى ما كان يجب أن تُرفع بحق مصوّرين يقومون بعملهم في شوارع إسطنبول”، مضيفًا أن السماح للصحفيين بالعمل دون عراقيل هو ركن أساسي في نقل الحقيقة للجمهور.

وانضمت منظمة "مراسلون بلا حدود" إلى الترحيب، معتبرة -على لسان ممثلها في تركيا، إيرول أوندراوغلو- أن التبرئة “مريحة لكنها تكشف أن التوقيف كان تعسفيًا”، وأن الهدف كان “عرقلة حق العامة في الوصول إلى الأخبار”. 

ويعكس هذا الموقف مخاوف عميقة لدى المنظمات الحقوقية من تزايد اعتقال الصحفيين في تركيا واستخدام القوانين لتقييد عملهم.

سياق الاحتجاجات وتبعاتها

امتدت الاحتجاجات، التي تضامنت مع إمام أوغلو، من إسطنبول إلى مناطق أخرى في البلاد، لتصبح الأكبر منذ تظاهرات حديقة غيزي عام 2013 التي هزّت المشهد السياسي التركي. 

وجاء اعتقال إمام أوغلو في إطار تحقيق بالفساد، لكن كثيرين اعتبروا سجنه خطوة سياسية تهدف إلى تحييد السياسي الوحيد الذي كان يمتلك فرصة قوية لمنافسة أردوغان في الانتخابات المقبلة.

تسبب هذا المناخ السياسي المشحون في تضييق كبير على وسائل الإعلام، إذ تُعلّق القنوات التلفزيونية أو تُفرض عليها غرامات ضخمة، فيما يُحتجز الصحفيون أو يُستدعون للتحقيق بسبب تغطيتهم للتظاهرات أو انتقاداتهم للسلطات.

تأثيرات على حرية الصحافة

أوضح المحامي كمال كومكوم أوغلو، وكيل الدفاع عن أكجول، أنه بانتظار الوثائق التفصيلية للحكم لفهم الأسس القانونية التي اعتمد عليها القاضي، مشيرًا إلى أن القضية رغم انتهائها تبقى مثالًا مقلقًا، لأن “مجرد توجه الصحفي لتغطية مظاهرة قد يؤدي إلى اعتقاله، أو التعامل معه كمحتج بدلًا من كونه ممثلًا لوسيلة إعلامية”.

وحذّر المحامي من أن هذه الممارسات تشكل “ضغطًا كبيرًا على حرية الإعلام وحق الجمهور في المعرفة”، خصوصًا أن التوقيفات تتم أحيانًا عبر مداهمات فجراً، ما يثير مخاوف من تحولها إلى سياسة ممنهجة.

ودقت المنظمات الدولية ناقوس الخطر، خاصة بعد صدور حكم آخر قبل يوم واحد بسجن الصحفي والمعلق السياسي البارز فاتح ألطايلي لمدة أربع سنوات لإدانته بـ"تهديد" الرئيس أردوغان.

وتحتل تركيا المرتبة الـ159 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الإعلام الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود”، وهو ما يعكس بيئة إعلامية شديدة التقييد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية